Logo 2 Image




أبو علي جميع السلع الأساسية معفاة من الضرائب أو تخضع لنسب مخفضّة

05/07/2023

في حوار شامل لـ «الدستور» مع مدير عام دائرة ضريبة الدخل والمبيعات

حوار : عوني الداوود وإسلام العمري / تصوير - شريف العويمر

أكد مدير عام ضريبة الدخل والمبيعات حسام أبو علي بأن الأردن يتبع النظام الضريبي الأفضل عالميا وهو الذي يوازن بين الضرائب المباشرة، وغير المباشرة، مؤكدا أن هناك خمسة أنواع فقط من الضرائب في الاردن وليس كما يشاع، فهناك قانون لضريبة الدخل وقانون لضريبة المبيعات وقانون للجمارك وقانون لبيع العقار وقانون لضريبة الأبنية والمسقفات، ولا يوجد أي ضريبة بخلاف هذه الضرائب.

وأضاف في حوار موسع مع «الدستور» تحدث فيه باستفاضة حول السياسة الضريبية مشيرا الى أن المنظومة الضريبية هي أداة من أدوات السياسة المالية التي تستخدمها الحكومة لتحقيق أهدافها الاقتصادية، وأن المشرّع الأردني يهدف إلى ثلاثة أهداف رئيسية من التشريعات الضريبية، مالية واقتصادية واجتماعية، حيث أكد بأن جميع ما يقبض من الضرائب تؤدى إلى الخزينة، ولا يوجد أي فلس من الضرائب يذهب إلى صناديق خاصة، كما أنه لا إعفاء من الضريبة إلا بموجب تشريع، فالضرائب مفروضة بقانون ولا يجوز الإعفاء منها إلا بقانون.

وفي التفاصيل قال أبو علي بأن هناك حوافز ضريبية في قانون البيئة الاستثمارية تشجع على الاستثمار في المناطق الحرة والتنموية والعقبة الخاصة، وقال إن منظومتنا الضريبية في الأردن قادرة على تلبية كافة المتطلبات اللازمة لتحقيق الرؤية الاقتصادية المستهدفة.

مدير عام ضريبة الدخل والمبيعات في حواره مع «الدستور» أكد بأن جميع السلع الاساسية التي يستهلكها المواطن معفية بالكامل من الضرائب، وأن أكثر من 300 سلعة أو خدمة إما تخضع لنسبة صفر أو لإعفاء أو لضريبة مخفضة، وأن كل ما يتعلق بالقطاع الزراعي من خدمات ومنتجات زراعية من المبيدات الزراعية والأسمدة والمنتجات لكل الزراعة التي ينتجها المزارعون معفية من الضرائب، بالاضافة الى إعفاءات ومزايا لكل مدخلات الطاقة المتجددة.

وحول الايرادات الضريبية المستهدفة في قانون الموازنة العامة للدولة 2023 أكد أبو علي أنه سيتم تحقيقها تماما «كما فعلنا في عام 2022 و2021 و2020 و2019».

- الحوار تطرق الى تفاصيل معالجة التشوهات الضريبية التي تم اجراؤها من خلال : تطبيق نظام «الاسعار التحويلية» واعتماد «القيمة العادلة» و«نظام ضريبة الدخل على المناطق التنموية»، و«توحيد الإدارة الضريبية»، وادخال قاعدة «التوريد بدلاً من قاعدة البيع في قانون ضريبة المبيعات».

واكد مديرعام ضريبة الدخل والمبيعات ان الدائرة تسعى لتخفيض نسبة التهرب والتجنب الضريبي لاقل من 10  ٪، مشيرا ان البرنامج الأهم في 2023 هو تعزيز الالتزام الطوعي بالضريبة، مشيرا أن 56 خدمة ضريبية أصبحت تقدّم الكترونياً، وأن أكثر من 400 ألف إقرار ضريبي خلال أربعة أشهر قدّمت جميعها الكترونياً. وفي ما يلي الحوار الشامل لـ «الدستور» مع مدير عام ضريبة الدخل والمبيعات حسام أبو علي، وبحضور مستشار مدير عام ضريبة الدخل والمبيعات موسى الطراونة :

** نرحب بكم في جريدة الدستور..ونأمل بداية اطلاعنا على السياسة الضريبية في الأردن.. والحديث تفصيلا عن التشوهات الضريبية والجهود المبذولة لمعالجتها ؟

- بداية أتقدم بالشكر لجريدة الدستور لإتاحة هذه الفرصة لتسليط الضوء ع لى تفاصيل ما يتعلق بالسياسة الضريبية، وأبعاد هذه السياسة وأهدافها، والإجراءات الحكومية التي تمت، إضافة الى تقييم النظام الضريبي، وهل نجحت الحكومة في معالجة التشوهات والاختلالات الضريبية؟

 

بداية أشير الى أن النظام الضريبي في الأردن هو نظام يعتمد على نوعين من الضرائب، كما العالم، حيث توجد ضرائب مباشرة وضرائب غير مباشرة، والنظام الضريبي في الأردن هناك ضرائب مباشرة وعامودها الفقري ضريبة الدخل، وضرائب غير مباشرة وعامودها الفقري ضريبة المبيعات.

قبل الدخول في النظام الضريبي في الأردن، فان الحديث بين الباحثين وخبراء الضرائب حول أيهما أفضل ؟ هل الضرائب المباشرة أفضل من الضرائب غير المباشرة أو العكس، في الواقع هذا حديث بين الخبراء وهو حديث فكري وله أبعاده، وبحسب ما خلصت إليه الدراسات والأبحاث لا نستطيع أن نقول بأن الضريبة المباشرة أفضل من الضريبة غير المباشرة أو غير المباشرة أفضل من الضريبة المباشرة، وبالتالي فالنظم الضريبية التي تشمل نوعين من هذه الضرائب، هي النظم الضريبية التي تحقق نوعا من العدالة والمساواة، بالتالي النظام الضريبي الأفضل هو الذي يوازن بين الضرائب المباشرة، وهي الضرائب التي تحصل من صافي الأرباح ومن الدخول المرتفعة، والضرائب غير المباشرة التي تحصل ممن يستهلك الإنتاج من السلع والخدمات، لذلك فان الأفضل المزج من النوعين، وهذا ما ذهب إليه النظام الضريبي في الأردن، أي أن النظام الضريبي الأمثل في العالم من الممارسات الدولية يشمل النوعين، والنظام الضريبي في الأردن يشمل النوعين، أي لا يحمّل كل العبء الضريبي على المستثمرين وعلى الدخول ولا يحمّل كل العبء الضريبي على الاستهلاك.

- في الحديث عن نظامنا الضريبي في الأردن، لا بد من التأكيد على أن مرجعيتنا في خصائصه هو الدستور الأردني، والدستورالأردني وضع قيودا وضوابط على الحكومة، وهذه القيود والضوابط هي التي تحدد المرجعية في أي تشريع ضريبي، من حيث المبدأ فقد نصّ الدستور على « لا تفرض أي ضريبة إلا بقانون»، إذن القاعدة السياسية في الضرائب في الأردن أن جميع الضرائب في الأردن يجب أن تكون وفقا لقوانين ولا يجوز فرض الضرائب لا بقرارات الرئاسة ولا بأنظمة ولا بتعليمات.

( 5) أنواع من الضرائب فقط :

القاعدة الثانية، لا بد من التوضيح - خصوصا وأن هناك حديث بوجود كمّ من الضرائب في الأردن - لكن في الواقع نحن قمنا باعداد دراسة حول المنظومة الضريبية في الأردن وأزلنا كل التشوهات الموجودة في نظامنا الضريبي، ونؤكد بأن الضرائب معروفة ومحددة، حيث توجد ضريبة دخل، وضريبة مبيعات، وضريبة - وإن كانت تسمى رسوم جمركية - ولكنها ضريبة على السلعة، وهي بمفهوم الضرائب غير المباشرة، وضريبة على بيع العقار، وضريبة المسقفات، فهذه هي الضرائب الموجودة في الأردن، هذه هي التشريعات، فهناك قانون لضريبة الدخل وقانون لضريبة المبيعات وقانون للجمارك وقانون لبيع العقار وقانون لضريبة الأبنية والمسقفات، ولا يوجد أي ضريبة بخلاف هذه الضرائب.

وللتوضيح هناك من يقول بوجود ضريبة دخل على الموظف وضريبة دخل على الشركة، لكن هذا يدخل ضمن قانون ضريبة الدخل، أو يقول بأنه إذا قام بترخيص سيارته يدفع ضريبة.. لكن هذا رسم، أو ضريبة على السيارات والدخان وغيرها، وكل هذه جميعها تدخل ضمن ضريبة المبيعات.. وهكذا.

كانت المنظومة الضريبية في الأردن، قبل المباشرة بإجراء التصليحات مختلفة وكان عدد الضرائب أكبر من ذلك، فمثلاً كانت هناك ضريبة مبيعات، وقانون الضريبة الإضافية، (على كل ضريبة 10 بالمائة وراءها ضريبة)، كان يوجد أيضاً ضريبة الخدمات الاجتماعية، وضريبة لحصة من أي مبيعات، وكان يوجد ضريبة للدخان إضافية..الخ، كل هذه التشوهات انتهت، واليوم في المنظومة الضريبية في الأردن لا يوجد لدينا إلا تلك الضرائب التي ذكرتها، فلا توجد لدينا الآن ضريبة على الضريبة، لأن قانون ضريبة المبيعات ألغى قانون الضريبة الإضافية.

 التكليف التصاعدي :

- القاعدة الثالثة التي أود الاشارة اليها.. بعد الأولى وهي ( أن أي ضريبة لا تفرض إلا بقانون)، والثانية بأن (لدينا خمسة ضرائب مباشرة وغير مباشرة)، فقد حدد الدستور بأنه يتوجب على الحكومة أن تراعي في فرض الضرائب مبدأ التكليف التصاعدي، وأوضح لماذا مبدأ التكليف التصاعدي، وذلك لتحقيق العدالة الضريبية، فمن المهم أن نعرف بأنه كلما زادت عدد شرائح قانون ضريبة الدخل كلما زادت التصاعدية.

وفي موضوع تصاعدية الضريبة، وللتذكير، ففي بداية عام 2018 قمنا بتعديل على قانون ضريبة الدخل، وسّع وزاد من عدد شرائح ضريبة الدخل، الامر الذي زاد مبدأ التصاعدية وبالتالي عمل على تحسين العدالة الضريبية، حيث على الحكومة أن تراعي في فرض الضريبة مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية، كما يجب أن لا تتجاوز الضريبة مقدرة المكلفين على الأداء، فالمبدأ الدستوري وحتى المبادئ الاقتصادية التي تحاول الآن كل المدارس الاقتصادية تدريسها، تركز على أن العبء الضريبي لا يجب أن يتجاوز مقدرة المكلفين، فلا يجوز فرض ضرائب على الناس لا يستطيعون تحملها، ويجب أن لا تتجاوز الضرائب حاجة الدولة إلى المال، ففرض الضرائب تستوفيها الدولة من التمويل اللازم لقيامها بواجباتها.

أيضاً فجميع ما يقبض من الضرائب يجب أن تؤدى إلى الخزينة، ولا يوجد أي فلس من الضرائب يذهب إلى صناديق خاصة، كما لا يوجد إعفاء من الضريبة إلا بموجب تشريع، فالضرائب مفروضة بقانون ولا يجوز الإعفاء من هذه الضرائب إلا بقانون.

هذه مبادئ أقرها الدستور الأردني وهي خصائص للنظام الضريبي في الأردن.

 أهداف النظام الضريبي في الأردن :

- إذا تحدثنا عن أهداف النظام الضريبي في الأردن، فهي ثلاثة: أهداف مالية - أهداف اقتصادية - وأهداف اجتماعية.. بمعنى أن أي قانون في الضرائب، سواء الأصل أو تعديلاته، يجب أن يأخذ بالاعتبار الأهداف الثلاثة التالية : أهداف مالية بأن الهدف من هذا القانون أن يوفر للخزينة العامة للدولة موردا يغطي النفقات الحكومية للقيام بواجباتها.

أهداف اقتصادية : بالتأكيد فالضريبة واحدة من الأدوات الاقتصادية، التي تستطيع الحكومة من خلال استخدامها أن تحفّز الاستثمارات في اقتصاديات معينة أو مناطق معينة، مثلاً اليوم لدينا في الأردن مناطق تحفيز ضريبي كمنطقة العقبة الاقتصادية ( ضريبة الدخل 5 بالمائة)، ومنطقة تنموية تمارس نشاطا صناعيا ( 5 بالمائة)، تمارس نشاطا تجاريا خدميا (تدفع 10 بالمائة )، فهذه مناطق تحفيز ضريبي.

أهداف اجتماعية : فالضريبة اليوم شكل من أشكال التكافل الاجتماعي، تؤخذ من الأغنياء ويعاد إنفاقها على خدمات لكل المواطنين، لكن بالتأكيد الاقبال على هذه الخدمات يكون لذوي الدخل المحدود والمتوسط، وأنا أقول دائماً بأن الضريبة هي واجب وطني لكن فيها مبدأ للتكافل الاجتماعي تتولاه الدولة، لا تفرض ضريبة على ذوي الدخول المنخفضة ولا على الفقراء بل تقوم بتحصيل الضرائب من الأغنياء وتعيد إنفاقها، ونعلم بأن الخدمات الحكومية تقدم لكل الأردنيين، لأن الدستور ينص بصراحة على المساواة بين الأردنيين لكن الأردني الذي دخله مرتفع بالتأكيد عندما يمرض يذهب إلى طبيب خاص وأبناؤه في مدارس خاصة ويدفع عليهم كلفا عالية، لكن إذا لم تكن إمكانيات المواطن تسمح له بذلك فيرسل أبناءه لمدارس حكومية.. لذلك نقول بأن التحصيلات الضريبية والتحسن في التحصيلات الضريبية يؤدي إلى تحسين الخدمات الحكومية سواء الصحية أو التربية والتعليم أو غير ذلك.

 الضرائب والحوافز الاستثمارية :

** في الحديث عن الحوافز الاستثمارية، كيف يمكن المواءمة بين الضرائب وقانون البيئة الاستثمارية الجديد؟

- طرحتم موضوعاً مهماً، وهو موضوع الاستثمار وجذب الاستثمار والمحافظة على الاستثمارات، بداية نقول بأنه تم إجراء العديد من الدراسات حول ما هي العوامل التي تساهم في استقرار الاستثمارات وجذب الاستثمارات، وهذا مهم جداً، ووضعت هذه البنود بالترتيب، لنخرج بنتيجة أنه لا توجد دراسة تقول بأن أول عامل مهم في عملية جذب الاستثمارات هو الضرائب، بمعنى أن كل المستثمرين يريدون سوقا يتمتع بالاستقرار، سوقا بدون ضريبة، يريد المستثمر أن يحصّل أرباحا وبعد ذلك يدفع ضرائب، فالمستثمر في النهاية يريد أن يحصل على بيئة استثمارية ذات استقرار بالتشريعات المالية والضريبية.. وبالتأكيد سيدفع الضريبة، فموضوع الضرائب موضوع يؤخذ بالاعتبار وليس عاملاً وحيداً وليس هو الأساس، فهناك عوامل مهمة في موضوع الاستثمار، مع ذلك، وحتى لا نظلم تشريعاتنا، فقد أقرت الحكومة هذا العام قانون البيئة الاستثمارية الجديد الذي أخذ بالاعتبار كل العوامل والمتطلبات التي كان المستثمرون ينادون بها، ليس فقط ما يتعلق بالضرائب، بل أيضاً موضوع تخفيض الكلف، فقانون البيئة الاستثمارية الجديد ذهب إلى تقديم حوافز ومزايا تتجاوز مفهوم الإعفاء الضريبي، لتمكين هذه الاستثمارات من تخفيض كلفها، سواء كلف الطاقة أو كلف المصاريف الثابتة عموما أو الكلف الثابتة في الأراضي، وتوفير أراضي للمشاريع وأبنية..الخ، وبالتالي يجب أن لا نظلم تشريعاتنا.

أيضاً لدينا أنظمة محفزة، فاليوم قانون البيئة الاستثمارية الجديد ينص بصراحة على المناطق الحرة والمناطق التنموية وأيضاً في قانون منطقة العقبة الاقتصادية، وهذه تشريعات فيها حوافز ضريبية وهي جاذبة للاستثمارات.

توحيد الإدارة الضريبية في المملكة :

** ماذا عن توحيد الإدارة الضريبية في المملكة سواء في عمان او العقبة الخاصة او غيرهما ما هي انعكاسات هذا القرار ؟

- يجب أن أشير أولا الى أن التشريعات الخاصة بمنطقة العقبة الاقتصادية لم تتغير، فهناك حوافز ضريبية وتخفيض للضرائب واعفاءات لم يتم انتقاص أي شيء منها، بل وبقيت مستمرة، على سبيل المثال ضريبة الدخل على أي نشاط مسجل في منطقة العقبة الاقتصادية ( 5 بالمائة)، قبل توحيد الإدارة الضريبية وبعد توحيد الإدارة الضريبية.. كما أن ضريبة المبيعات على السلع والخدمات المحددة في النظام الصادر بموجب قانون العقبة الاقتصادية كما هي ولم يتم التعديل على نسبة الـ7 بالمائة، ما حصل أنه كان هناك تشتت في الإدارة الضريبية، وقد كانت هناك ادارة ضريبية في ضريبة الدخل والمبيعات وإدارة ضريبية في هيئة الاستثمار وإدارة ضريبية في العقبة الاقتصادية، وقد يكون للمكلف استثمارات في عمان والعقبة وفي أكثر من جهة، فكان يخضع إلى ثلاث لجان تدقيق ضريبي، الأمر الذي أوجب توحيد الملف الضريبي، بغض النظر عن مكان الاستثمار في المملكة، وهذه ممارسة عالمية، أن الإدارة الضريبية في كل الدولة يجب أن تكون في جهة واحدة، فبدلاً من أن يدقق فريق من عمّان الملف الضريبي لمستثمر في عمّان الذي له استثمارات أيضاً في العقبة ويأتي فريق ثاني من العقبة ويدقق عليه، ويطلب منه عددا من الأمور الضريبية، فيقع المستثمر حينها في مشكلة خلاف في الرأي بين دائرتين حكوميتين، لذلك جاء التشريع - مع المحافظة على المزايا والإعفاءات لمنطقة العقبة الاقتصادية - وأكد على أن تتولى دائرة ضريبة الدخل والمبيعات عملية التحصيل والتدقيق الضريبي، وهذا خدمة للمكلفين، فالمكلف أصبح ملفه الضريبي ملفا واحدا ويدقق من فريق واحد وليس من فريقين أو ثلاثة، بغض النظر أي مكان نشاطاته.

لذلك فان المكلف الملتزم هو المستفيد سواء كان نشاطه في عمّان او في العقبة، لكن إذا كان المكلف يستغل الثغرات من خلال وجود إدارتين ضريبيتين ويخالف التشريعات، وكان - على سبيل المثال - ينقل أرباحه للعقبة وهو يربحها في نشاط له في عمّان، فهذا مخالف، ومن هنا فأي ممارسة تمارسها الدولة أو الإدارات الضريبية من أجل ضبط المخالفات الضريبية والتهرب الضريبي والتجنب الضريبي، فان المستفيد منه هي القطاعات الاقتصادية الملتزمة والخزينة، وبالتالي كل ما تقوم به الحكومة من إجراءات في مكافحة التهرب الضريبي أو بمعالجة التجنب الضريبي أو ضبط المخالفات هدفها المنافسة العادلة في السوق، مثلما هدفها أن تقوم الحكومة بتحصيل حقوقها في الخزينة.

ضريبة المبيعات :

** في الحديث عن التشوهات الضريبية تتم الاشارة غالبا الى ضريبة المبيعات التي يتم الاعتماد عليها أكثر من ضريبة الدخل.. ما رأيكم؟

- الدراسات التي تم عملها في الأردن حول ضريبة المبيعات أوضحت بأنه كان لدينا خلل هيكلي بين الضرائب المباشرة وغير المباشرة، بمعنى أن الحصيلة من ضريبة الدخل عندما تم عمل الدراسة في 2019-2020 بينت أنه لا يوجد توازن بين الضرائب المباشرة وغير المباشرة، فكان لا بد من زيادة مساهمة الضريبة المباشرة في الحصيلة الضريبية في الأردن، والذي على أثره تم تعديل قانون ضريبة الدخل. لكن ماذا عن الضرائب غير المباشرة؟ اليوم من المهم أن أقول، ليس كمدير ضريبة، بل بحسب فلسفة الضرائب وحتى لا نظلم ضريبة المبيعات، خصوصا وأن كثيرا من الباحثين الاقتصاديين عندما يتحدثوا في ضريبة المبيعات يظلموها لأنهم يقيسونها بمعيار خاطئ، فيقولوا بأن قاعدة استيفاء ضريبة الدخل هو الدخل، بمعنى إذا حققت دخلا أعلى فيجب أن تدفع ضريبة أعلى، لكن قاعدة استيفاء ضريبة المبيعات ليس لها علاقة بالدخل، لا ان قاعدة استيفاء ضريبة المبيعات هي الاستهلاك، فكلما استهلكت أكثر يجب أن تدفع ضريبة أكثر.

لذلك لدراسة مدى عدالة ضريبة المبيعات يجب ربطها بالاستهلاك، لكن إذا تم ربطها بالدخل فبالتأكيد ستكون غير عادلة، لكن المشرّع في الأردن وفي كل دول العالم، حين فرض ضريبة القيمة المضافة أو الضريبة على المبيعات لم يبن هذه الضريبة على الدخل أو على صافي الربح، بل على الاستهلاك، فضريبة الدخل تزداد كلما زاد الدخل، لكن ضريبة المبيعات تزداد كلما زاد الاستهلاك.

- هناك من يقول بأن الضريبة على المبيعات 16 بالمائة على كل شيء، وأنا أقول لا، فقد تحدثت قبل قليل وقلت بأن المشرع الأردني يهدف لثلاثة أهداف رئيسية من التشريعات الضريبية : مالية واقتصادية واجتماعية، وإذا أسقطنا هذه الأهداف على قانون ضريبة المبيعات، فانها ضريبة يتم تحصيلها، وهناك نسبة ضريبة تُدخل أموال للخزينة، لكن أين الأهداف الاقتصادية ؟ جاء المشرع الأردني وقال بأنه في هذا القانون يريد تشجيع الصناعات الوطنية، وقال بأنه يجب على الحكومة أن تصدر جدولا ملحقا بالقانون يحدد فيه السلع الخاضعة لنسبة الصفر، والسبب حتى يحمي الصناعات الوطنية من السلع المستوردة، ففي هذا الجدول تضع الحكومة كل مدخلات الانتاج التي تستخدمها الصناعة، متضمنا السلع الخاضعة لنسبة الصفر وهذا يساعد الصناعات الوطنية على تخفيض كلفها وبالتالي تمكينها من المنافسة.

الحوافز.. والاعفاءات الضريبية :

** أي أن الضريبة داعمة للصناعات الوطنية حسب حديثكم ؟

- في قانون ضريبة المبيعات، المشرّع الأردني أخذ بعين الاعتبار تمكين الصناعات الوطنية من منافسة الصناعات المستوردة، من خلال جداول متعلقة بالإخضاع لنسبة الصفر.

** في الماضي كانت هناك قطاعات معفية من الضرائب مثل قطاع الكمبيوتر على سبيل المثال لتشجيع بعض القطاعات، ثم تغير الوضع ؟ ماذا عن اليوم.. هل هناك قطاعات أو سلع معفاة من الضريبة ؟

- بالطبع.. فالهدف الثالث من التشريعات الضريبية هدف اجتماعي، لذلك في ضريبة المبيعات ووفقا لقاعدة الاستيفاء 16 بالمائة قال المشرع بأن على الحكومة أن تصدر جدول رقم 3 بالسلع والخدمات المعفاة، بحيث يتم الأخذ بالاعتبار السلع والخدمات التي تستهلك من ذوي الدخل المحدود والمتوسط، لذلك فان السلع الغذائية والسلع الأساسية التي يستهلكها المواطن الأردني، ومنها الدجاج والحليب والبيض والدقيق والزيت..الخ، كل هذه السلع الأساسية معفاة بالكامل.

باختصار أقول بأن تشريعنا الضريبي رغم أنه فرض ضريبة على السلع، ولكن لتحقيق أهدافه الاقتصادية والاجتماعية فقد أصدرت الحكومة جداول بسلع إما خاضعة لنسبة صفر أو معفاة أو تخضع لضريبة مخفضة، ما بين 2 إلى 4 بالمائة، فعدد السلع والخدمات التي إما تخضع لنسبة صفر أو لإعفاء أو لضريبة مخفضة يزيد عن 300 سلعة أو خدمة، وبصورة عامة تشمل كل السلع الأساسية والغذائية ويشمل كل ما يتعلق بالقطاع الزراعي من خدمات ومنتجات زراعية من المبيدات الزراعية والأسمدة والمنتجات لكل الزراعة التي ينتجها المزارعون.

** دعم القطاع الزراعي يعني دعما للأمن الغذائي..ماذا عن دعم قطاع الطاقة من أجل « أمن الطاقة « على سبيل المثال ؟

- تحدثنا عن قطاعات الصناعة والزراعة،..ولكن قطاع الطاقة أيضاً يحظى بحوافز، واليوم لدينا قانون الطاقة، ولدينا نظام الإعفاء الخاص في قطاع الطاقة، وهناك جدول ملحق بالقانون، ودائرة ضريبة الدخل والمبيعات معنية بتطبيق هذا الجدول، الذي يمنح إعفاءات ومزايا لكل مدخلات الطاقة المتجددة، فكل مكونات هذا النظام من سلع وخدمات تدخل في نظام الطاقة الكهربائية والمشرّع قام بإعفائها، وليس فقط إعفاءها بل أيضاً دعما في الكلف، فهناك صندوق في الطاقة اليوم يدعم بالكلف، من أجل أن نستفيد مما حبانا الله به في الأردن كمنطقة مشمسة.. لذلك أقول نعم هناك تحفيز لقطاع الطاقة المتجددة.

الضريبة.. ورؤية التحديث الاقتصادي :

** هذا ينقلنا إلى سؤال آخر حول رؤية التحديث الاقتصادي، برنامجنا لعشر سنوات قادمة، وفي معظم المبادرات التي نتجت عن ورش عمل القطاعات خلال ورشة التحديث الاقتصادي كانت هناك ملاحظات ضريبية.. فما مدى مواءمة قانون الضريبة الأردني مع مخرجات أو مبادرات رؤية التحديث الاقتصادي؟

- بالتأكيد مثلما ذكرت قبل قليل، أؤكد أن المنظومة الضريبية هي أداة من أدوات السياسة المالية التي تستخدمها الحكومة لتحقيق أهدافها الاقتصادية، وبالتالي التشريعات الضريبية يجب أن تكون منسجمة وتحقق ما سيتم تحقيقه بالرؤى الاقتصادية المستهدفة في الأردن خلال العشر سنوات القادمة، وأنا أؤكد هنا بأن منظومتنا الضريبية في الأردن هي بشكل سيمكننا من تلبية كافة المتطلبات اللازمة لتحقيق الرؤية الاقتصادية المستهدفة.

فرضيات موازنة 2023 :

** مع نهاية النصف الاول من العام 2023... هل تم تحقيق الفرضيات التي وضعت في موازنة 2023؟

- لله الحمد، وخلال الأعوام الثلاثة الماضية، كانت دائرة الضريبة تحقق الأرقام المستهدفة لضريبة الدخل والمبيعات، وأطمئنكم بأنه لغاية نهاية شهر 5/2023 وأيضاً لغاية هذا اليوم، فان الأرقام المستهدفة في قانون الموازنة العامة للدولة والتحصيلات الفعلية التي تمت خلال الخمسة أشهر الماضية هي ضمن الأرقام المستهدفة لهذه الخمسة أشهر، وبإذن الله سيتم تحقيق الأرقام المستهدفة في قانون الموازنة العامة للدولة 2023 كما فعلنا في عام 2022 و2021 و2020 و2019،

الإصلاحات الضريبية ومعالجة التشوهات :

** عودة للاصلاحات الضريبية ومعالجة التشوهات الضريبية.. ما الذي تحقق في هذا الاتجاه ؟

- بداية لا بد من الاشارة الى أن جميع الاصلاحات التي تبنتها الحكومة كانت على قاعدة عدم فرض أي ضريبة أو زيادة أي ضريبة.

كما أن معالجة التشوهات والاختلالات مكّنت الخزينة العامة للدولة من توفير موارد مالية غطت على آثار جائحة كورونا أو حرب أوكرانيا، وذلك وفقا لقاعدتين :

أولهما أن الإصلاحات ليس شرطا أن تكون من خلال زيادة في النسب الضريبية أو فرض ضريبة، وأثبت بأن هذه الإصلاحات مهمة جداً للمنظومات الضريبية خاصة في حالة الطوارئ والظروف استثنائية، فالاصلاحات مكنت البلد من توفير موارد للخزينة، ورغم أن هناك قطاعات أغلقت بسبب كورونا، الا أن الإصلاحات عوّضت الخزينة عن هذه الحصيلة الضريبية.

وفي الحديث عن معالجة التشوهات الضريبية، سأذكر هنا بعض الإصلاحات التي قمنا بها تتعلق بالتشوهات والتجنب الضريبي ومنها أننا أدخلنا مفهوم الأسعار التحويلية، حيث لم يكن في المنظومة الضريبية في الأردن سابقاً مبدأ الأسعار التحويلية.

ولتوضيح الأسعار التحويلية أقول : ببساطة أي منشآت داخل المملكة وخارجها يجب أن تأخذ في عمليات تبادلها بمبدأ السعر العادل والسعر الجاري للسوق.. على سبيل المثال : شخص يمتلك شركة في الأردن وهناك فرع لهذه الشركة في دولة خارج الأردن..نسبة الضريبة 10 بالمائة، وبطريقة أو بآخرى قد يقوم المحاسبون بعملية نقل الأرباح، في حال كانت الضريبة في الأردن 20 بالمائة وفي الخارج 5-10 بالمائة على سبيل المثال، فيقوم ببيع مواد من خارج المملكة لداخل المملكة بكلفة تزيد عن الكلفة الفعلية، بالتالي يرفع الكلفة في الأردن وينقل أرباحه لخارج الأردن، فجاء هذا النظام، ( نظام الأسعار التحويلية)، من أجل ضريبة عادلة، له وعليه، فلا مانع للمستثمر أن يقوم بالبيع والشراء مع فروعه أو ذوي العلاقة..فلا مشكلة في ذلك، لكن يجب أن تكون بالأسعار العادلة الجارية في السوق، وبالتالي أن لا تستخدم تحويلات بيع وشراء مع فروعه أو مع ذوي العلاقة.

- نظام الأسعار التحويلية في هذا الشأن يشمل شقين : يشمل الشركات والفروع في الدول بالخارج، ويشمل الشركات والمنشآت ذوو العلاقة، أي صلة قرابة، داخل المملكة ممكن الشخص وابنه أو والده، أي يكون للشخص شركتين أو ثلاثة ولوالده شركة فيقوم بالبيع له، والهدف من ذلك هو أن يتجنب دفع الضريبة، فجاء هذا النظام وطالب بعدالة ضريبية، وحتى نعالج هذا التشوه أخذنا الممارسة الدولية، التي بينت بأن الشركات متعددة الجنسيات أو الشركات التي بها ذوو العلاقة، فان التحويلات في هذا الأمر يجب أن يكون في القيمة العادلة، بالتالي كانت هذه ثغرة تمكّن البعض من عملية التجنب الضريبي، وجاء المشرع وأغلق هذا الباب، وقال بأن أي تحويلات بين ذوي العلاقة أو الشركات متعددة الجنسيات يجب أن تكون بالقيمة العادلة.

- نظام « الأسعار التحويلية « بتطبيقاته الأولية أدخل على الخزينة من 50-100 مليون دينار، لكن بتطبيقاته على المدى البعيد ستزيد عن ذلك، فقد أصبح هناك قانون وصادر نظام بموجب هذا القانون، فإذا كانت التحويلات تزيد على نصف مليون دينار بين الأصول والفروع أو الشركات التي تمتلكها فيجب أن تقدم إقرارات ضريبية مرفق بها تقارير، وإذا كانت شركة متعددة الجنسيات إجمالي إيراداتها أو مبيعاتها تزيد على 600 مليون يجب أن تقدم الإقرارات والتفاصيل، لذلك أؤكد بأن صدور نظام الأسعار التحويلية وإقراره حقق مبدأ العدالة ومبدأ القيمة السوقية العادلة للسلعة أو الخدمة بين الفروع وذوي العلاقة حقق عدالة في السوق.

**نظام ضريبة الدخل على المناطق التنموية :

- في الأردن أنظمة ضريبية عادلة، .. ولدينا مناطق تحفيز، فقانون العقبة الاقتصادية - على سبيل المثال - يتضمن حوافز، وهناك مناطق تنموية تحظى بحوافز، والهدف أن تكون هناك استثمارات في تلك المناطق، ولذلك صدر نظام، من خلال اطلاعنا على الممارسات الدولية ووجدنا بأن كثيرا من دول العالم تقوم بتحفيز مناطق لجذب استثمارات بها، ولكن يحدث أن يأتي مستثمر يسجل في منطقة ولا يمارس أي عمل فيها، ويذهب إلى منطقة أخرى،.. وهكذا.. لذلك نقول بأنه يجب توفر شروط معيارية لمنح الحوافز والمزايا، وهي ما تم نقله وعكسه على نظامنا الضريبي، فنحن نريد أن نشجع المستثمر في العقبة وفي المناطق التنموية شريطة أن يمارس المستثمر نشاطه في العقبة، وكذلك في المناطق التنموية.

فالشروط المعيارية توجب بأن أن يمارس الشخص فعلياً نشاطه في نفس المنطقة، ويجب أن تكون عمالته في داخل المنطقة، وأن يعقد اجتماعاته واجتماعات الهيئة العامة وإدارته داخل المنطقة، وحتى تحقق هذه المناطق أهدافها صدر نظام، و «نظام ضريبة الدخل على المناطق التنموية»، وتم أخذ قرار من مجلس إدارة منطقة العقبة الاقتصادية لتطبيق نفس الشروط المعيارية.

هدف هذه الشروط أن يتم إعطاء مزايا للعقبة لمن يمارس فعلاً نشاطه في العقبة، وليس لمن يقوم بالتسجيل في العقبة ويذهب ليمارس نشاطه في دولة ثانية.

أيضاً من الإجراءات التي عالجنا من خلالها التشوهات الضريبية موضوع ( توحيد الإدارة الضريبية )، الذي لم نفرض من خلاله ضريبة جديدة ولكن عالجنا التشوه من خلال هذا التوحيد، وقلنا بأننا سنقرأ الملف الضريبي نقطة نقطة، فالآن لا يجوز أن ينقل شخص إيراداته من منطقة ضريبية إلى منطقة حوافز، لأن نفس الكادر سيدقق هنا وهناك، وبالتالي سيعطي الحوافز على ممارسته في نفس المنطقة التي مارس فيها الحوافز.

أيضاً أدخلنا قاعدة التوريد بدلاً من قاعدة البيع في قانون ضريبة المبيعات، بمعنى أن هناك من يقوم بالبيع ويدفع ضريبة مبيعات، وهناك شخص آخر بدلا من أن يبيع يقوم بعمل مبادلة أو مقايضة، ويستخدم وسائل وطرق تنافس الشخص الذي يبيع بضريبة المبيعات بمعنى أنه يقوم بعمل التفاف على القانون، ولذلك جاء المشرّع وعدّل قاعدة ضريبة المبيعات إلى قاعدة التوريد بدلاً من البيع حتى يحقق بيئة مناسبة للمنافسة وأن لا تستخدم الضريبة وسيلة في المنافسة بين الشركات العاملة في نفس القطاع.

نسبة التهرب الضريبي :

** ما هي أبرز النجاحات التي حققتموها، خصوصا في التحصيل ومكافحة التهرب والتجنب الضريبي.. كم نسبة التهرب الضريبي؟ وكم نسبة الذين قدموا إقرارات ضريبية؟

- التهرب والتجنب الضريبي مواضيع تستنزف إيرادات الخزينة، وكما النظم الضريبية في العالم، فإذا أردنا أن نحضر نظاما محكما لا يوجد به تهرب ضريبي فعندها تصبح كلفة تحصيل الدينار أكثر من الدينار، وهذا لا يعقل، بالتالي فالهدف اليوم مكافحة التهرب الضريبي وان نجعل التهرب الضريبي في أقل مستوى ممكن، وان نعالج الثغرات الموجودة في النظام الضريبي الأردني حتى نتمكن من معالجة التجنب الضريبي.

- أما عن تقديرات قيمة التهرب الضريبي؟ أولاً يجب أن نعلم بأنه لا يوجد رقم محدد، فالدراسات التي تتم تقدّر التهرب الضريبي، والتهرب الضريبي بهذه الدراسة تعتمد على الفرضيات التي تم وضعها في كل دراسة.

وقد تم عمل دراسات كثيرة، وأنا قمت بعمل دراستين أو ثلاثة في التهرب الضريبي، وكما ذكرت فالدراسات بحسب الفرضيات، هناك دراسات تتحدث عن 500 مليون دينار، ودراسات تتحدث عن 700 مليون دينار، ودراسات عن تصل الى مليار دينار، أنا دراستي لم تكن فقط للتجنب الضريبي، بل دراستي كانت لحجم التهرب الضريبي، والوسائل المستخدمة في التهرب الضريبي، الطرق التي استخدمت، وآليات الأبعاد وآثارها، وكيف تعالجها.

اليوم بأرقام الدراسات التي تتم في دائرة الضريبة لا يمكن أن نصرح بها، لأنها ستصبح رقما رسميا في حال التصريح بها، نحن لا نريد أن نصرح لأن هذا تقدير، ثانياً لم أقم بنشر الدراسة حتى لا نشجع الناس بمعرفة طرق التهرب الضريبي، نحن لا يمكن أن نثقف الناس بطرق ووسائل التهرب الضريبي.

الأهم من ذلك، وبغض النظر عن رقم التهرب الضريبي، فبالتأكيد قطعنا اليوم شوطاً كبيراً في تخفيض هذا الرقم، لكن هذا يستنزف موارد الخزينة ويجب محاربته، سواء كان الرقم 400 أو 300 أو 700 مليون، الأهم من الرقم أن نعترف بأن لدينا تهربا ضريبيا.

ما هو دورنا؟ بغض النظر عن تقديرات حجم هذا الرقم، يجب أن يكون هناك جهد حكومي لمكافحة هذا التهرب لسببين: السبب الرئيسي أننا اليوم بحاجة لكل دينار في الخزينة، سابقاً عندما يطلب زيادة نسبة الحاصلات، يتم الطلب بأن يتم زيادة نسبة الضريبة، لكن هذا لا يمكن فعله اليوم، بالتالي اليوم نقول بأنه يجب مكافحة التهرب ونحصل على الأموال من المتهربين والمخالفين، ثانياً أن هذا التهرب يقوم بعمل خلل في المنافسة في القطاعات في السوق، فلا يمكن أن نركض وراء الملتزم ضريبياً والمتهرب ضريبياً لا تتم ملاحقته، فيجب ضبط المخالفات الضريبية حتى لا ينافس المتهرب الملتزم، فأقول بأن متابعة التهرب الضريبي والمخالفين ضريبياً تخدم الخزينة وتخدم الملتزمين ضريبياً.

- وبالنسبة للاقرارات الضريبية، نحن اليوم من المهم أن نقول بأن كل إقراراتنا الضريبية تتم إلكترونياً، نتعامل ليس في الإقرار الضريبي بل في جميع الخدمات الضريبية إلكترونياً، لدينا 56 خدمة ضريبية تقدم الكترونياً، هذا العام الإقرارات الضريبية التي قدمت خلال أربعة أشهر تزيد عن 400 ألف إقرار ضريبي قدمت جميعها الكترونياً، فنسبة الالتزام الضريبي أصبحت عالية جداً، وهي مريحة وممتازة مقارنة بسنوات سابقة.

- يهمنا اليوم أن نخفض التهرب الضريبي والمخالفات الضريبية إلى أدنى حد ممكن، حسب الممارسات والأنظمة الضريبية في العالم، عندما نقوم بتخفيض نسب التهرب الضريبي يصبح هناك التزام، نريد أن ننتهي من التهرب الضريبي، وقد وضعنا كل الأدوات لمكافحة التهرب الضريبي والتجنب الضريبي وأقول بأننا عالجنا 50 بالمائة مما كان متهربا، ووضعنا الأدوات اللازمة من أجل تخفيض النسبة إلى أقل من 10 بالمائة، ونعمل على ذلك، بكل الإطر التشريعية والتنفيذية.

- برنامجنا الأهم في عام 2023 هو تعزيز الالتزام الطوعي، ونحن نعمل بمسارين من نفس الوقت، اولا : أن يقدم المكلف إقراره ويصرح بضريبته الصحيحة حتى لا يصله المفتشون، ثانيا : إذا علم المكلف بأن دائرة ضريبة الدخل والمبيعات لديها كل المعلومات اللازمة للتأكد بأن إقراره الضريبي الذي قدم به معلوماته الصحيحة، فسيقدم المعلومات الصحيحة.. ليس هدف دائرة ضريبة الدخل والمبيعات تصيد الأخطاء، نريد عدالة ضريبية، ونريد أن يشعر كل مكلف ملتزم بأن الإدارة الضريبية في الأردن تحميه، وكل مخالف ينافسه ستلاحقه الضريبة، عند ذلك يصبح لدينا التزام طوعي.

** كيف يتم التأكد بأن هذا الالتزام الطوعي صحيحا؟

- من أجل ذلك انتقلنا من عملية التدقيق الضريبي إلى التدقيق الالكتروني، الذكاء الاصطناعي، فاليوم طورنا نظاما، بحيث لم يعد عبء الاثبات على المكلف، بل على المدقّق، من خلال التدقيق الكترونياً، فالمكلف عندما يقدم إقراره الضريبي يتم تدقيق الإقرار الكترونيا فيما اذا كان مقدم الاقرار متزوجا أم لا ؟، وإذا كان متزوجاً، هل تعمل زوجته أم لا، وإذا كانت تعمل وقدمت إقراراتها لوحدها هل تقدمت بإعفاءات أم لا، وإذا كان له أكثر من شقة هل وضع إيجارات أم لا ؟.. وهكذا.

** ماذا عن شريحة الأطباء ؟

- بالنسبة للاطباء، هناك برنامج في دائرة ضريبة الدخل والمبيعات مربوط مع كل المستشفيات، فالطبيب الذي يقوم باجراء عملية في أي مستشفى، في نهاية اليوم نقوم بالدخول إلى صفحته وتظهر لنا كل عملياته التي قام بها، فعندما يقوم الطبيب بتقديم إقراره تكون لدينا كل المعلومات، والمبالغ التي تقاضاها، لدينا نظام فوترة الكتروني سيتم ادخال جميع القطاعات عليه، والإجراءات التي اتخذت تمت بالتنسيق والحوار مع جميع القطاعات ولم نستثن أي نقابة مهنية من تطبيق نظام الفوترة الالكتروني، وهذا النظام سيحقق العدالة ولا يستهدف أي نقابة ولا أي قطاع، الكل سيدخل عليه وسيطبقه، وهو نظام فوترة وطني الكتروني الدائرة قامت دائرة الضريبة بتأمينه والدخول له يتم بكل سهولة.

** ماذا بعد هذا الجهد الكبير وتحصيل مبالغ كبيرة نتيجة مكافحة التهرب والتجنب الضريبي.. ماذا بعد ذلك، هل ستقل التحصيلات وبالتالي الايرادات الضريبية ؟

- بعد أن ننهي أو نخفض نسب التهرب الضريبي لأدنى حد ممكن يصبح هناك التزام ضريبي وتصبح حصيلة الضريبة التي يتم توريدها والتي تظهر هي الصحيحة والعادلة، اليوم برنامجنا هو الالتزام الطوعي للمكلف، والالتزام الطوعي للمكلفين سيحقق حصيلة وإيرادات مالية للخزينة تزيد عن التي نقول بأننا سنحصل عليها من مكافحة التهرب الضريبي.

نظام الفوترة :

** انطلاقا من مبدأ الثواب والعقاب،..هناك عقاب للمتهربين، فهل هناك حوافز للملتزمين؟

- في نظام الفوترة أخذنا بمبدأين، مبدأ الوجوب على المكلفين، أي يوجد نظام فوترة وطني الكتروني وهو واجب على المكلف ويجب أن يطبقه ما لم يكن يستخدم نظام الفاتورة أصلاً، .. فكل مكلف، شركة أو منشأة ملزمة بإصدار فاتورة ويجب أن تدخل على نظام الفوترة، وفي نفس الوقت يجب ان نشجع المواطن بأن يحصل على فاتورة، ..درسنا النظم الضريبية في العالم ووجدنا أن هناك طريقتين لتحفيز الفواتير، أحدهما النظام الذي تحدثت به والذي يقول بأن كل شخص يقدم فواتير يحصل على جزء من الضريبة التي دفعها، وهناك نظام يعطي جوائز.

النظام الأول له آليتان للتطبيق، آلية تقوم على التضحية بنسبة من الضريبة الـ( 16 ٪) وتقوم بردها، او رفع النسبة إلى 17 بالمائة والـ1 بالمائة يتم إعادتها، وهذه تحتاج أولاً إلى تعديل تشريعي، ثانياً ستحدث خللا في المنظومة ونسب الضريبة وهناك سلع لا تخضع للضريبة.

 

لذلك أتينا إلى منظومة الجوائز ووجدنا 54 دولة في العالم تقوم بتطبيق مبدأ الجوائز، نحن دخلنا وأصبحنا رقم 55، وقلنا بأننا نريد تشجيع المواطنين وكل ثلاثة أشهر نقوم بعمل إجراء سحب على جوائز للمواطنين الذين حصلوا على فواتير وقاموا بتأمينها لنا عبر التطبيق، والتطبيق بسيط جدا على الهاتف الخلوي، والمطلوب من الشخص أن يصور الفاتورة ويرسلها، وهذا ما جعلنا نعمل باتجاهين، نشجع المواطن على طلب الفاتورة، عندما يقوم بشراء سلعة يحصل على فاتورة وإذا قدم خدمة يحصل على الفاتورة ويرسلها على التطبيق، وكل ثلاثة أشهر يحصل على جائزة، ولعلنا في المستقبل نقوم بتطوير مفهوم الجوائز بقطاعات معينة وإجراءات معينة.

بالنسبة للفاتورة، فقد قمنا بتعديل النظام، واليوم أكثر من 60 بالمائة من العمليات المالية تتم في الأردن من خلال نظام الفاتورة الوطني الالكتروني، هذا مشروع نسير به بشكل جيد، وفقا لخطة، وقبل نهاية هذا العام يجب أن يكون كل المكلفين المطلوب منهم إصدار فاتورة قد دخلوا على هذا النظام، المهلة الإلزامية كانت لنهاية شهر 5/2023، فأصبح نظام تنظيم شؤون الفوترة في الأردن ينص على فقط الفاتورة الالكترونية، لا يوجد ورقي، الآن يوجد ملف الكتروني بالفاتورة، فالأساس هي الفاتورة الالكترونية، واعتباراً من بداية شهر 5 أصبح نظام تنظيم شؤون الفوترة يعتمد الفاتورة الوطني الالكتروني، فاتورة ملف ضريبي.

اجتمعنا مع كل القطاعات، وأخذنا بالاعتبار بأنه لا يجب أن يكون هناك عقوبات ومخالفات لحين استكمال كل القطاعات دخولها على النظام، مع الأخذ بالاعتبار بإمكانية إنضمام القطاعات الاقتصادية لنظام الفوترة، ولدينا فرق عمل تتابع، فرق للصناعة وفرق للتجارة وفرق للنقابات.. وغيرها، وفي الوقت الذي نشعر به بأنها اكتملت يصبح هناك مخالفات..

هناك فرق عمل في الدائرة تنسق وتتعاون مع القطاعات الاقتصادية للانضمام للفوترة الوطني.

الضريبة على السجائر :

** «مركز الدستور للدراسات الاقتصادية» أجرى مؤخرا دراسة حول أثر التهريب عموما على الاقتصاد الوطني.. واتضح أن تهريب الدخان أو السجائر في مقدمة الأصناف التي تؤثر بذلك، خصوصا لارتفاع الضريبة عليها.. ما قولكم ؟

- نحن نتحدث عن التهرب الضريبي، في كل دول العالم السلع التي تخضع لضريبة خاصة مرتفعة تكون مغرية للمهرب، ولأجل ذلك نقول لأن الدخان في كل دول العالم وليس فقط في الأردن، وفقاً لشروط ولمتطلبات منظمة الصحة العالمية يخضع لأعلى نسب ضريبية في كل النظم الضريبية في العالم، بالتالي الدخان في الأردن وفي كل دول العالم واحدة من السلع التي يكون بها تهريب، وكان لا بد من وضع خطة استراتيجية لمعالجة هذا الموضوع، حتى نمكّن أدوات الرقابة من سرعة اكتشاف أي كميات دخان مهربة أدخلنا في الأردن نظام الرقابة الرقمية الالكترونية، وهذا النظام اعتباراً من 1/2/2023 حيث أصبح ممنوعا على أي مصنع في الأردن أن ينتج أي باكيت دخان إلا وعليه QR Code بترميز معين يظهر الماكنة والساعة والضريبة المدفوعة وكل المعلومات المتعلقة، وانتقلنا من رقابة وجاهية تقليدية إلى رقابة الكترونية على كل آلة تنتج. أي آلة تغير نوعية الدخان الذي تنتجه يظهر لدينا، في نهاية كل يوم يظهر لدينا كل ماكنة ماذا أنتجت من دخان ونوعه والترميز على الباكيت وعلى الانتاج، وبالتالي أي كمية دخان متوفرة في السوق إذا لم يكن عليها انتاج المصنع على الفور يتم اكتشافها، وقد انتهينا من الرقابة ومن ربط المصانع وانتقلنا إلى الوكلاء، فالوكلاء تم إعطاؤهم ترميزا، وأخذوا شهادات بترميز معين.

وبذلك نكون نحن في الأردن أول دولة عربية تقوم بتطبيق هذا النظام، الرقابة الرقمية الالكترونية على انتاج الدخان.

** هل إيرادات ضريبة السجائر في تزايد أم تراجع خصوصا مع وجود بدائل للسجائر التقليدية ؟

- على الرغم من وجود البدائل للسيجارة التقليدية إلا أن إيرادات الخزينة من السجائر مستقرة، فلا يوجد تراجع، فالأدوات التي استخدمتها الحكومة قامت بتأمين إيراداتها على الرغم من وجود بدائل للتقليدي.

التجارة الإلكترونية :

** هناك شكوى من القطاع التجاري حول التجارة الإلكترونية وأثرها السلبي خصوصا على قطاع الالبسة نتيجة ما يسمونه بغياب العدالة بين تاجر تقليدي دافع للضرائب وتاجر إلكتروني لا يدفع الضرائب ؟

- موضوع الضريبة وضريبة المبيعات والضرائب على السلع والخدمات، الواقع لا يوجد نظام ضريبي يقول بأن الضريبة مفروضة على سلع مشتراة تقليديا وسلع مشتراة الكترونيا، في نظامنا الضريبي الضريبة ضريبة، فالسوشال ميديا - على سبيل المثال - بدأت الناس باستخدامها وهي خدمة جديدة، ونحن مع ابتكار أي نشاط جديد يأتي بدخل، أصبحنا نرصد ونراقب، عندما أصبح هذا الرقم يشكل دخلا أعلى من حد الإعفاء قمنا بتثقيف الناس، بالتالي عندما يكون الدخل عشرة آلاف في السنة أو 20 ألفا أو ضمن حدود الإعفاء فليس هناك مشكلة، لكن عندما أصبح الدخل يصل إلى 100-200 ألف في السنة اختلف الوضع، فكان لا بد أن نقوم بتثقيف الناس، ولم نفرض ضريبة على السوشال ميديا، نحن ثقفنا المواطنين ومقدمي هذه الخدمة بأن هناك تشريع يفرض ضريبة على الدخل بغض النظر عن النشاط وهذا نشاط مقدر وبالتالي يجب أن يقدم إقراره.

- في القطاع التجاري هناك وسائل وطرق عمليات التنفيع والتبادل مختلفة، اليوم يوجد شركات أردنية أصبح لديها فروع كاملة للبيع الالكتروني، ويقومون بالدفع، الآن لا توجد ضريبة على سلعة بهذا النشاط، هناك كثيرون أصبحوا اليوم يمارسون النشاط الالكتروني ويشترون السلع من خلاله، نحن نطور من أدواتنا، ولدينا الآن قسم خاص في دائرة ضريبة الدخل والمبيعات معني بمتابعة هذا النشاط.


كيف تقيم محتوى الصفحة؟